السبت، 12 مايو 2018

4.السيرة لابن هشام من [ هَزِيمَةُ الْأَحْبَاشِ ، وَنُبُوءَةُ سَطِيحٍ وَشِقٍّ ] الي أَهْلُ الْخَوَرْنَقِ وَالسَّدِيرِ وَبَارِقٍ وَالْبَيْتِ ذِي الشُّرُفَاتِ مِنْ سِنْدَادِ أَمْرُ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِي



[ هَزِيمَةُ الْأَحْبَاشِ ، وَنُبُوءَةُ سَطِيحٍ وَشِقٍّ ]
وَهَذَا الَّذِي عَنَى سَطِيحٌ بِقَوْلِهِ :
يَلِيهِ إرَمُ ذِي يَزَنَ يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ عَدَنَ
فَلَا يَتْرُكُ أَحَدًا مِنْهُمْ بِالْيَمَنِ وَاَلَّذِي عَنَى شِقٌّ بِقَوْلِهِ :
غُلَامٌ لَيْسَ بِدَنِيِّ وَلَا مُدَنٍّ يَخْرُجُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْتِ ذِي يَزَنَ
ذِكْرُ مَا انْتَهَى إلَيْهِ أَمْرُ الْفُرْسِ بِالْيَمَنِ
[ مُلْكُ الْحَبَشَةِ فِي الْيَمَنِ وَمُلُوكُهُمْ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَأَقَامَ وَهْرِزُ وَالْفُرْسُ بِالْيَمَنِ ، فَمِنْ بَقِيَّةِ ذَلِكَ الْجَيْشِ مِنْ الْفُرْسِ الْأَبْنَاءُ الَّذِينَ بِالْيَمَنِ الْيَوْمَ .
وَكَانَ مُلْكُ الْحَبَشَةِ بِالْيَمَنِ ، فِيمَا بَيْنَ أَنْ دَخَلَهَا أَرْيَاطُ إلَى أَنْ قَتَلَتْ الْفُرْسُ مَسْرُوقَ بْنَ أَبْرَهَةَ وَأُخْرِجَتْ الْحَبَشَةُ ، اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ سَنَةً ، تَوَارَثَ [ ص: 69 ] ذَلِكَ مِنْهُمْ أَرْبَعَةٌ : أَرْيَاطُ ، ثُمَّ أَبْرَهَةُ ، ثُمَّ يَكْسُومُ بْنُ أَبْرَهَةَ ، ثُمَّ مَسْرُوقُ بْنُ أَبْرَهَةَ .
[ مُلُوكُ الْفُرْسِ عَلَى الْيَمَنِ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : ثُمَّ مَاتَ وَهْرِزُ ، فَأَمَّرَ كِسْرَى ابْنَهُ الْمَرْزُبَانَ بْنِ وَهْرِزَ عَلَى الْيَمَنِ ثُمَّ مَاتَ الْمَرْزُبَانُ فَأَمَّرَ كِسْرَى ابْنَهُ التَّيْنُجَانَ بْنَ الْمَرْزُبَانِ عَلَى الْيَمَنِ ، ثُمَّ مَاتَ التَّيْنُجَانُ فَأَمَّرَ كِسْرَى ابْنَ التَّيْنُجَانِ عَلَى الْيَمَنِ ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَأَمَّرَ بَاذَانَ ، فَلَمْ يَزَلْ بَاذَانُ عَلَيْهَا حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ مُحَمَّدًا ( النَّبِيَّ ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
[ كِسْرَى وَبَعْثَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ]
فَبَلَغَنِي عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : كَتَبَ كِسْرَى إلَى بَاذَانَ : أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ خَرَجَ بِمَكَّةَ ، يَزْعُمُ أَنَّهُ نَبِيٌّ ، فَسِرْ إلَيْهِ فَاسْتَتِبْهُ ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا فَابْعَثْ إلَيَّ بِرَأْسِهِ .
فَبَعَثَ بَاذَانُ بِكِتَابِ كِسْرَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَتَبَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّ اللَّهَ قَدْ وَعَدَنِي أَنْ يُقْتَلَ كِسْرَى فِي يَوْمِ كَذَا مِنْ شَهْرِ كَذَا فَلَمَّا أَتَى بَاذَانَ الْكِتَابُ تَوَقَّفَ لِيَنْظُرَ ، وَقَالَ : إنْ كَانَ نَبِيًّا فَسَيَكُونُ مَا قَالَ . فَقَتَلَ اللَّهُ كِسْرَى فِي الْيَوْمِ الَّذِي قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : قُتِلَ عَلَى يَدَيْ ابْنِهِ شِيرَوَيْهِ ، وَقَالَ خَالِدُ بْنُ حِقٍّ الشَّيْبَانِيُّ :
:
وَكِسْرَى إذْ تَقَسَّمْهُ بَنُوهُ بِأَسْيَافٍ كَمَا اُقْتُسِمَ اللَّحَّامُ تَمَخَّضَتْ الْمَنُونُ لَهُ بِيَوْمٍ
أَنَّى وَلِكُلِّ حَامِلَةٍ تِمَامُ
[ إسْلَامُ بَاذَانَ ]
قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ بَاذَانَ بَعَثَ بِإِسْلَامِهِ وَإِسْلَامِ مَنْ مَعَهُ مِنْ الْفُرْسِ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . فَقَالَتْ الرُّسُلُ مِنْ الْفُرْسِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إلَى مَنْ نَحْنُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : أَنْتُمْ مِنَّا وَإِلَيْنَا أَهْلَ الْبَيْتِ .
[ ص: 70 ]
[ سَلْمَانُ مِنَّا ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَبَلَغَنِي عَنْ الزُّهْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ : فَمِنْ ثَمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ
[ بَعْثَةُ النَّبِيِّ ، وَنُبُوءَةُ سَطِيحٍ وَشِقٍّ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَهُوَ الَّذِي عَنَى سَطِيحٌ بِقَوْلِهِ : نَبِيٌّ زَكِيٌّ ، يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنْ قِبَلِ الْعَلِيِّ . وَاَلَّذِي عَنَى شِقٌّ بِقَوْلِهِ : بَلْ يَنْقَطِعُ بِرَسُولِ مُرْسَلٍ ، يَأْتِي بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ ، مِنْ أَهْلِ الدِّينِ وَالْفَضْلِ ، يَكُونُ الْمُلْكُ فِي قَوْمِهِ إلَى يَوْمِ الْفَصْلِ .
[ الْحَجَرُ الَّذِي وُجِدَ بِالْيَمَنِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ فِي حَجَرٍ بِالْيَمَنِ - فِيمَا يَزْعُمُونَ كِتَابٌ - بِالزَّبُورِ كُتِبَ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ : لِمِنْ مُلْكُ ذِمَارٍ ؟ لِحِمْيَرَ الْأَخْيَارِ لِمَنْ مُلْكُ ذِمَارٍ ؟ لِلْحَبَشَةِ الْأَشْرَارِ ؛ لِمَنْ مُلْكُ ذِمَارٍ ؟ لِفَارِسَ الْأَحْرَارِ لِمَنْ مُلْكُ ذِمَارٍ ؟ لِقُرَيْشِ التُّجَّارِ . وَذِمَارٌ : الْيَمَنُ أَوْ صَنْعَاءُ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : ذَمَارُ : بِالْفَتْحِ ، فِيمَا أَخْبَرَنِي يُونُسُ .
[ شِعْرٌ لِأَعْشَى فِي نُبُوءَةِ سَطِيحٍ وَشِقٍّ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ الْأَعْشَى أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ فِي وُقُوعِ مَا قَالَ سَطِيحٌ وَصَاحِبُهُ :
:
مَا نَظَرَتْ ذَاتُ أَشْفَارٍ كَنَظْرَتِهَا حَقَّا كَمَا صَدَقَ الذِّئْبِيُّ إذَا سَجَعَا وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَقُولُ لِسَطِيحِ : الذِّئْبِيَّ ، لِأَنَّهُ سَطِيحُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مَازِنِ بْنِ ذِئْبٍ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ . [ ص: 71 ]
قِصَّةُ مَلِكِ الْحَضْرِ
[ نَسَبُ النُّعْمَانِ ، وَشَيْءٌ عَنْ الْحَضْرِ ، وَشِعْرُ عَدِيٍّ فِيهِ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَحَدَّثَنِي خَلَّادُ بْنُ قُرَّةَ بْنِ خَالِدِ السَّدُوسِيُّ عَنْ جَنَّادٍ ، أَوْ عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِالنَّسَبِ : أَنَّهُ يُقَالُ : إنَّ النُّعْمَانَ بْنَ الْمُنْذِرِ مِنْ وَلَدِ سَاطِرُونَ مَلِكِ الْحَضْرِ
وَالْحَضْرُ : حِصْنٌ عَظِيمٌ كَالْمَدِينَةِ ، كَانَ عَلَى شَاطِئِ الْفُرَاتِ ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ :
:
وَأَخُو الْحَضْرِ إذْ بَنَاهُ وَإِذْ دِجْلَةُ تُجْبَى إلَيْهِ وَالْخَابُورُ شَادَهُ مَرْمَرَا وَجَلَّلَهُ كِلْسًا
فَلِلطَّيْرِ فِي ذُرَاهُ وُكُورُ لَمْ يَهَبْهُ رَيْبُ الْمَنُونِ فَبَانَ
الْمُلْكُ عَنْهُ فَبَابُهُ مَهْجُورُ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ . وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ أَبُو دُوَادٍ الْإِيَادِيُّ فِي قَوْلِهِ :
وَأَرَى الْمَوْتَ قَدْ تَدَلَّى مِنْ الْحَضْرِ عَلَى رَبِّ أَهْلِهِ السَّاطِرُونَ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ . وَيُقَالُ : إنَّهَا لِخَلَفِ الْأَحْمَرِ ، وَيُقَالُ : لِحَمَّادِ الرَّاوِيَةِ .
[ دُخُولُ سَابُورَ الْحَضْرَ ، وَزَوَاجُهُ بِنْتِ سَاطِرُونَ ، وَمَا وَقَعَ بَيْنَهُمَا ]
وَكَانَ كِسْرَى سَابُورُ ذُو الْأَكْتَافِ غَزَا سَاطِرُونَ مَلِكِ الْحَضْرِ ، فَحَصَرَهُ سَنَتَيْنِ ، فَأَشْرَفَتْ بِنْتُ سَاطِرُونَ يَوْمًا ، فَنَظَرَتْ إلَى سَابُورَ وَعَلَيْهِ ثِيَابُ دِيبَاجٍ ، [ ص: 72 ] وَعَلَى رَأْسِهِ تَاجٌ مِنْ ذَهَبٍ مُكَلَّلٌ بِالزَّبَرْجَدِ وَالْيَاقُوتِ وَاللُّؤْلُؤِ ، وَكَانَ جَمِيلًا ، فَدَسَّتْ إلَيْهِ : أَتَتَزَوَّجُنِي إنْ فَتَحْتُ لَكَ بَابَ الْحَضْرِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، فَلَمَّا أَمْسَى سَاطِرُونَ شَرِبَ حَتَّى سَكِرَ ، وَكَانَ لَا يَبِيتُ إلَّا سَكْرَانَ . فَأَخَذَتْ مَفَاتِيحَ بَابِ الْحَضْرِ مِنْ تَحْتِ رَأْسِهِ ، فَبَعَثَتْ بِهَا مَعَ مَوْلًى لَهَا ، فَفَتَحَ الْبَابَ ، فَدَخَلَ سَابُورُ ، فَقَتَلَ سَاطِرُونَ ، وَاسْتَبَاحَ الْحَضْرَ وَخَرَّبَهُ ، وَسَارَ بِهَا مَعَهُ فَتَزَوَّجَهَا .
فَبَيْنَا هِيَ نَائِمَةٌ عَلَى فِرَاشِهَا لَيْلًا إذْ جَعَلَتْ تَتَمَلْمَلُ لَا تَنَامُ ، فَدَعَا لَهَا بِشَمْعِ ، فَفُتِّشَ فِرَاشُهَا ، فَوُجِدَ عَلَيْهِ وَرَقَةُ آسٍ ، فَقَالَ لَهَا سَابُورُ : أَهَذَا الَّذِي أَسْهَرَكَ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ ، قَالَ : فَمَا كَانَ أَبُوكَ يَصْنَعُ بِكِ ؟ قَالَتْ : كَانَ يَفْرِشُ لِي الدِّيبَاجَ ، وَيُلْبِسُنِي الْحَرِيرَ ، وَيُطْعِمُنِي الْمُخَّ ، وَيَسْقِينِي الْخَمْرَ ، قَالَ : أَفَكَانَ جَزَاءُ أَبِيكَ مَا صَنَعْتِ بِهِ ؟ أَنْتَ إلَيَّ بِذَلِكَ أَسْرَعُ ، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُبِطَتْ قُرُونُ رَأْسِهَا بِذَنَبِ فَرَسٍ ، ثُمَّ رَكَضَ الْفَرَسُ حَتَّى قَتَلَهَا . فَفِيهِ يَقُولُ أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ :
:
أَلَمْ تَرَ لِلْحَضْرِ إذْ أَهْلُهُ بِنُعْمَى وَهَلْ خَالِدٌ مِنْ نِعَمْ أَقَامَ بِهِ شاهَبُورُ الْجُنُودَ
حَوْلَيْنِ تَضْرِبُ فِيهِ الْقُدُمْ فَلَمَّا دَعَا رَبَّهُ دَعْوَةً
أَنَابَ إلَيْهِ فَلَمْ يَنْتَقِمْ وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ .
[ ص: 73 ] وَقَالَ عَدِيُّ بْنُ زَيْدٍ فِي ذَلِكَ :
:
وَالْحَضْرُ صَابَتْ عَلَيْهِ دَاهِيَةٌ مِنْ فَوْقِهِ أَيِّدٌ مَنَاكِبُهَا رَبِيَّةَ لَمْ تُوَقَّ وَالِدَهَا
لِحَيْنِهَا إذْ أَضَاعَ رَاقِبُهَا إذْ غَبَقَتْهُ صَهْبَاءَ صَافِيَةً
وَالْخَمْرُ وَهَلْ يَهِيمُ شَارِبُهَا فَأَسْلَمَتْ أَهْلَهَا بِلَيْلَتِهَا
تَظُنُّ أَنَّ الرَّئِيسَ خَاطِبُهَا فَكَانَ حَظُّ الْعَرُوسِ إذْ جَشَرَ الصُّبْحُ
دِمَاءً تَجْرِي سَبَائِبُهَا وَخُرِّبَ الْحَضْرُ وَاسْتُبِيحَ وَقَدْ
أُحْرِقَ فِي خِدْرِهَا مَشَاجِبُهَا وَهَذِهِ الْأَبْيَاتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ .
ذِكْرُ وَلَدِ نِزَارِ بْنِ مَعَدٍّ
[ أَوْلَادُهُ فِي رَأْيِ ابْنِ إسْحَاقَ وَابْنِ هِشَامٍ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ نِزَارُ بْنُ مَعَدٍّ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ مُضَرَ بْنَ نِزَارٍ وَرَبِيعَةَ بْنَ نِزَارٍ وأَنْمَارَ بْنَ نِزَارٍ .
[ ص: 74 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ وَإِيَادَ بْنَ نِزَارٍ .
قَالَ الْحَارِسُ بْنُ دَوْسٍ الْإِيَادِيُّ ، وَيُرْوَى لِأَبِي دُوَادَ الْإِيَادِيِّ واسْمُهُ جَارِيَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ :
:
وَفُتُوٌّ حَسَنٌ أَوْجُهُهُمْ مِنْ إيَادِ بْنِ نِزَارِ بْنِ مَعَدٍّ
وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ .
فَأُمُّ مُضَرَ وَإِيَادٍ سَوْدَةُ بِنْتُ عَكِّ بْنِ عَدْنَانَ وَأُمُّ رَبِيعَةَ وأَنْمَارٍ شُفَيْقَةُ بِنْتُ عَكِّ بْنِ عَدْنَانَ ، وَيُقَالُ جُمُعَةُ بِنْتُ عَكِّ بْنِ عَدْنَانَ .
[ أَوْلَادُ أَنْمَارٍ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَأَنْمَارُ : أَبُو خَثْعَمَ وَبَجِيلَةَ . قَالَ جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ وَكَانَ سَيِّدَ بَجِيلَةَ ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ لَهُ الْقَائِلُ :
:
لَوْلَا جَرِيرٌ هَلَكَتْ بَجِيلَهُ نِعْمَ الْفَتَى وَبِئْسَتِ الْقِبِيلَهْ وَهُوَ يُنَافِرُ الْفُرَافِصَةَ الْكَلْبِيَّ إلَى الْأَقْرَعِ بْنِ حَابِسٍ التَّمِيمِيِّ ( بْنِ عِقَالِ بْنِ مُجَاشِعِ بْنِ دَارِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ ) :
:
يَا أَقْرَعَ بْنَ حَابِسٍ يَا أَقْرَعُ إنَّكَ إنْ يُصْرَعْ أَخُوكَ تُصْرَعُ
وَقَالَ :
:
[ ص: 75 ] ابْنَيْ نِزَارٍ اُنْصُرَا أَخَاكُمَا إنَّ أَبِي وَجَدْتَهُ أَبَاكُمَا
لَنْ يُغْلَبَ الْيَوْمَ أَخٌ وَالَاكُمَا وَقَدْ تَيَامَنَتْ فَلَحِقَتْ بِالْيَمَنِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : قَالَتْ الْيَمَنُ : وَبَجِيلَةُ : أَنْمَارُ بْنُ إرَاشِ بْنِ لِحْيَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْغَوْثِ بْنِ نَبْتِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأٍ ؛ وَيُقَالُ : إرَاشُ بْنُ عَمْرِو بْنِ لِحْيَانَ بْنِ الْغَوْثِ . وَدَارُ بَجِيلَةَ وَخَثْعَمَ : يَمَانِيَّةٌ .
[ أَوْلَادُ مُضَرَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ مُضَرُ بْنُ نِزَارٍ رَجُلَيْنِ : إلْيَاسَ بْنَ مُضَرَ ، وَعَيْلَانَ بْنَ مُضَرَ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَأُمُّهُمَا جُرْهُمِيَّةٌ .
[ أَوْلَادُ إلْيَاسَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَوَلَدَ إلْيَاسُ بْنُ مُضَرَ ثَلَاثَةَ نَفَرٍ : مُدْرِكَةَ بْنَ إلْيَاسَ ، وَطَابِخَةَ بْنَ إلْيَاسَ ، وَقَمْعَةَ بْنَ إلْيَاسَ ، وَأُمُّهُمْ خِنْدِفُ ، امْرَأَةٌ مِنْ الْيَمَنِ .
[ شَيْءٌ عَنْ خِنْدِفَ وَأَوْلَادِهَا ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : خِنْدِفُ بِنْتُ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ اسْمُ مُدْرِكَةَ عَامِرًا ، وَاسْمُ طَابِخَةَ عَمْرًا ؛ وَزَعَمُوا أَنَّهُمَا كَانَا فِي إبِلٍ لَهُمَا يَرْعَيَانِهَا ، فَاقْتَنَصَا صَيْدًا فَقَعَدَا عَلَيْهِ يَطْبُخَانِهِ ، وَعَدَتْ عَادِيَةٌ عَلَى إبِلِهِمَا ، فَقَالَ عَامِرٌ لِعَمْرٍو : أَتُدْرِكُ الْإِبِلَ أَمْ تَطْبُخُ هَذَا الصَّيْدَ ؟ فَقَالَ عَمْرٌو : بَلْ أَطْبُخُ فَلَحِقَ عَامِرٌ بِالْإِبِلِ فَجَاءَ بِهَا ، فَلَمَّا رَاحَا عَلَى أَبِيهِمَا حَدَّثَاهُ بِشَأْنِهِمَا ، [ ص: 76 ] فَقَالَ لِعَامِرِ : أَنْتَ مُدْرِكَةٌ ، وَقَالَ لِعَمْرِو : وَأَنْتَ طَابِخَةُ ( وَخَرَجَتْ أُمُّهُمْ لَمَّا بَلَغَهَا الْخَبَرُ ، وَهِيَ مُسْرِعَةٌ ، فَقَالَ لَهَا : تُخَنْدِفِينَ فَسُمِّيَتْ : خِنْدِفُ ) .
وَأَمَّا قَمَعَةُ فَيَزْعُمُ نُسَّابُ مُضَرَ : أَنَّ خُزَاعَةَ مِنْ وَلَدِ عَمْرِو بْنِ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ إلْيَاسَ . قِصَّةُ عَمْرِو بْنِ لُحَيٍّ وَذِكْرُ أَصْنَامِ الْعَرَبِ
[ رَآهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجُرُّ قَصَبَهُ فِي النَّارِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : حُدِّثْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ، فَسَأَلْتُهُ عَمَّنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مِنْ النَّاسِ ، فَقَالَ : هَلَكُوا
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْحَارِثِ التَّيْمِيُّ أَنَّ أَبَا صَالِحٍ السَّمَّانَ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ - قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَاسْمُ أَبِي هُرَيْرَةَ : عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ ، وَيُقَالُ اسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ صَخْرٍ - يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِأَكْثَمَ بْنِ الْجَوْنِ الْخُزَاعِيِّ : يَا أَكْثَمُ ، رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيِّ بْنِ قَمَعَةَ بْنِ خِنْدِفَ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ ، فَمَا رَأَيْتُ رَجُلًا أَشْبَهَ بِرَجُلٍ مِنْكَ بِهِ ، وَلَا بِكَ مِنْهُ : فَقَالَ أَكْثَمُ : عَسَى أَنْ يَضُرَّنِي شَبَهُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : لَا ، إنَّكَ مُؤْمِنٌ وَهُوَ كَافِرٌ ، إنَّهُ كَانَ أَوَّلَ مَنْ غَيَّرَ دِينَ إسْمَاعِيلَ ، فَنَصَبَ الْأَوْثَانَ ، وَبَحَرَ الْبَحِيرَةَ ، وَسَيَّبَ السَّائِبَةَ ، وَوَصَلَ الْوَصِيلَةَ ، وَحَمَى الْحَامِي .
[ ص: 77 ] [ جَلَبُ الْأَصْنَامِ مِنْ الشَّامِ إلَى مَكَّةَ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ : أَنَّ عَمْرَو بْنَ لُحَيٍّ خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ إلَى الشَّامِ فِي بَعْضِ أُمُورِهِ ، فَلَمَّا قَدِمَ مَآبَ مِنْ أَرْضِ الْبَلْقَاءِ ، وَبِهَا يَوْمَئِذٍ الْعَمَالِيقُ - وَهُمْ وَلَدُ عِمْلَاقٍ . وَيُقَالُ عِمْلِيقُ بْنُ لَاوِذْ بْنِ سَامَ بْنِ نُوحٍ - رَآهُمْ يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ ، فَقَالَ لَهُمْ : مَا هَذِهِ الْأَصْنَامُ الَّتِي أَرَاكُمْ تَعْبُدُونَ ؟ قَالُوا لَهُ : هَذِهِ أَصْنَامٌ نَعْبُدُهَا ، فَنَسْتَمْطِرُهَا فَتُمْطِرُنَا ، ونَسْتَنْصِرُهَا فَتَنْصُرُنَا ، فَقَالَ لَهُمْ : أَفَلَا تُعْطُونَنِي مِنْهَا صَنَمًا ، فَأَسِيرَ بِهِ إلَى أَرْضِ الْعَرَبِ ، فَيَعْبُدُوهُ ؟ فَأَعْطَوْهُ صَنَمًا يُقَالُ لَهُ هُبَلُ ، فَقَدِمَ بِهِ مَكَّةَ ، فَنَصَبَهُ وَأَمَرَ النَّاسَ بِعِبَادَتِهِ وَتَعْظِيمِهِ .
[ أَوَّلُ عِبَادَةِ الْحِجَارَةِ كَانَتْ فِي بَنِي إسْمَاعِيلَ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَيَزْعُمُونَ أَنَّ أَوَّلَ مَا كَانَتْ عِبَادَةُ الْحِجَارَةِ فِي بَنِي إسْمَاعِيلَ ، أَنَّهُ كَانَ لَا يَظْعَنُ مِنْ مَكَّةَ ظَاعِنٌ مِنْهُمْ ، حِينَ ضَاقَتْ عَلَيْهِمْ ، وَالْتَمَسُوا الفَسَحَ فِي الْبِلَادِ ، إلَّا حَمَلَ مَعَهُ حَجَرًا مِنْ حِجَارَةِ الْحَرَمِ تَعْظِيمًا لِلْحَرَمِ ، فَحَيْثُمَا نَزَلُوا وَضَعُوهُ فَطَافُوا بِهِ كَطَوَافِهِمْ بِالْكَعْبَةِ ، حَتَّى سَلَخَ ذَلِكَ بِهِمْ إلَى أَنْ كَانُوا يَعْبُدُونَ مَا اسْتَحْسَنُوا مِنْ الْحِجَارَةِ ، وَأَعْجَبَهُمْ ؛ حَتَّى خَلَفَ الْخُلُوفُ ، وَنَسُوا مَا كَانُوا عَلَيْهِ ، وَاسْتَبْدَلُوا بِدِينِ إبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ غَيْرَهُ ، فَعَبَدُوا الْأَوْثَانَ ، وَصَارُوا إلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ الْأُمَمُ قَبْلَهُمْ مِنْ الضَّلَالَاتِ ؛ وَفِيهِمْ عَلَى ذَلِكَ بَقَايَا مِنْ عَهْدِ إبْرَاهِيمَ يَتَمَسَّكُونَ بِهَا ، مِنْ تَعْظِيمِ الْبَيْتِ ، وَالطَّوَافِ بِهِ ، وَالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، وَالْوُقُوفِ عَلَى عَرَفَةَ [ ص: 78 ] وَالْمُزْدَلِفَةِ ، وَهَدْيِ الْبُدْنِ ، وَالْإِهْلَالِ بِالْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ ، مَعَ إدْخَالِهِمْ فِيهِ مَا لَيْسَ مِنْهُ . فَكَانَتْ كِنَانَةُ وَقُرَيْشٌ إذَا أَهَلُّوا قَالُوا : لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ ، لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ ، إلَّا شَرِيكٌ هُوَ لَكَ ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ . فَيُوَحِّدُونَهُ بِالتَّلْبِيَةِ ، ثُمَّ يُدْخِلُونَ مَعَهُ أَصْنَامَهُمْ ، وَيَجْعَلُونَ مِلْكَهَا بِيَدِهِ . يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لِمُحَمَّدِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ أَيْ مَا يُوَحِّدُونَنِي لِمَعْرِفَةِ حَقِّي إلَّا جَعَلُوا مَعِي شَرِيكًا مِنْ خَلْقِي .
[ الْأَصْنَامُ عِنْدَ قَوْمِ نُوحٍ ]
وَقَدْ كَانَتْ لِقَوْمِ نُوحٍ أَصْنَامٌ قَدْ عَكَفُوا عَلَيْهَا ، قَصَّ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَبَرَهَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيرًا
[ الْقَبَائِلُ وَأَصْنَامُهَا ، وَشَيْءٌ عَنْهَا ]
فَكَانَ الَّذِينَ اتَّخَذُوا تَلِكَ الْأَصْنَامَ مِنْ وَلَدِ إسْمَاعِيلَ وَغَيْرِهِمْ وَسَمَّوْا بِأَسْمَائِهِمْ حِينَ فَارَقُوا دِينَ إسْمَاعِيلَ : هُذَيْلَ بْنَ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ ، اتَّخَذُوا سُوَاعًا ، فَكَانَ لَهُمْ بُرْهَاطُ .
وَكَلْبُ بْنُ وَبْرَةَ مِنْ قُضَاعَةَ ، اتَّخَذُوا وَدًّا بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ :
:
وَنَنْسَى اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَوَدَّا وَنَسْلُبُهَا الْقَلَائِدَ وَالشُّنُوفَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ سَأَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ .
[ رَأْيُ ابْنِ هِشَامٍ فِي نَسَبِ كَلْبِ بْنِ وَبْرَةَ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَكَلْبُ بْنُ وَبْرَةَ بْنِ تَغْلِبَ بْنِ حُلْوَانَ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ . [ ص: 79 ]
[ يَغُوثُ وَعَبَدَتُهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَأَنْعُمُ مِنْ طَيِّئٍ ، وَأَهْلُ جُرَشَ مِنْ مَذْحِجَ اتَّخَذُوا يَغُوثَ بِجُرَشَ .
[ رَأْيُ ابْنِ هِشَامٍ فِي أَنْعُمَ ، وَفِي نَسَبِ طَيِّئٍ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ : أَنْعُمُ . وَطَيِّئُ ابْنُ أُدَدَ بْنِ مَالِكٍ ، وَمَالِكٌ : مَذْحِجُ بْنُ أُدَدَ ، وَيُقَالُ : طَيِّئُ بْنُ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأٍ .
[ يَعُوقُ وَعَبَدَتُهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَخَيْوَانُ بَطْنٌ مِنْ هَمْدَانَ ، اتَّخَذُوا يَعُوقَ بِأَرْضِ هَمْدَانَ مِنْ أَرْضِ الْيَمَنِ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَقَالَ مَالِكُ بْنُ نَمَطٍ الْهَمْدَانِيُّ :
:
[ ص: 80 ] يَرِيشُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَيَبْرِي وَلَا يَبْرِي يَعُوقُ وَلَا يَرِيشُ وَهَذَا الْبَيْتُ فِي أَبْيَاتٍ لَهُ .
[ هَمْدَانُ وَنَسَبُهُ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : اسْمُ هَمْدَانَ : أَوْسَلَةُ بْنُ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ أَوْسَلَةَ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأٍ ، وَيُقَالُ : أَوْسَلَةُ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَوْسَلَةَ بْنِ الْخِيَارِ . وَيُقَالُ : هَمْدَانُ بْنُ أَوْسَلَةَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْخِيَارِ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأٍ .
[ نَسْرٌ وَعَبَدَتُهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَذُو الْكُلَاعِ مِنْ حِمْيَرَ ، اتَّخَذُوا نَسْرًا بِأَرْضِ حِمْيَرَ .
[ عُمْيَانِسُ وَعَبَدَتُهُ ]
وَكَانَ لِخَوْلَانَ صَنَمٌ يُقَالُ لَهُ عُمْيَانِسُ بِأَرْضِ خَوْلَانَ ، يَقْسِمُونَ لَهُ مِنْ أَنْعَامِهِمْ وَحُرُوثِهِمْ قَسْمًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ بِزَعَمِهِمْ ، فَمَا دَخَلَ فِي حَقِّ عُمْيَانِسَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى الَّذِي سَمَّوْهُ لَهُ تَرَكُوهُ لَهُ ، وَمَا دَخَلَ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ حَقِّ عُمْيَانِسَ رَدُّوهُ عَلَيْهِ . وَهُمْ بَطْنٌ مِنْ خَوْلَانَ ، يُقَالُ لَهُمْ الْأَدِيمُ ، وَفِيهِمْ أَنَزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِيمَا يَذْكُرُونَ : وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلَا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ [ ص: 81 ]
[ نَسَبُ خَوْلَانَ ]
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : خَوْلَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْحَافِ بْنِ قُضَاعَةَ ؛ وَيُقَالُ : خَوْلَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ بْنِ أُدَدَ بْنِ زَيْدِ بْنِ مِهْسَعَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَرِيبِ بْنِ زَيْدِ بْنِ كَهْلَانَ بْنِ سَبَأٍ ، وَيُقَالُ : خَوْلَانُ بْنُ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ الْعَشِيرَةِ بْنِ مَذْحِجَ .
[ سَعْدٌ وَعَبَدَتُهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ لِبَنِي مِلْكَانَ بْنِ كِنَانَةَ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ بْنِ إلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ صَنَمٌ ، يُقَالُ لَهُ سَعْدٌ ، صَخْرَةٌ بِفَلَاةِ مِنْ أَرْضِهِمْ طَوِيلَةٌ . فَأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مِلْكَانَ بِإِبِلِ لَهُ مُؤَبَّلَةٌ لِيَقِفَهَا عَلَيْهِ ، الْتِمَاسَ بَرَكَتِهِ ، فِيمَا يَزْعُمُ ؛ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْإِبِلُ ، وَكَانَتْ مَرْعِيَّةً لَا تُرْكَبُ ، وَكَانَ يُهْرَاقُ عَلَيْهِ الدِّمَاءُ ، نَفَرَتْ مِنْهُ ، فَذَهَبَتْ فِي كُلِّ وَجْهٍ ، وَغَضِبَ رَبُّهَا الْمِلْكَانِيُّ ، فَأَخَذَ حَجَرًا فَرَمَاهُ بِهِ ، ثُمَّ قَالَ : لَا بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ ، نَفَّرْتَ عَلَيَّ إبِلِي ، ثُمَّ خَرَجَ فِي طَلَبِهَا حَتَّى جَمَعَهَا ، فَلَمَّا اجْتَمَعَتْ لَهُ قَالَ :
:
أَتَيْنَا إلَى سَعْدٍ لِيَجْمَعَ شَمْلَنَا فَشَتَّتَنَا سَعْدٌ فَلَا نَحْنُ مِنْ سَعْدِ وَهَلْ سَعْدُ إلَّا صَخْرَةٌ بِتَنُوفَةٍ
مِنْ الْأَرْضِ لَا تَدْعُو لِغَيٍّ وَلَا رُشْدٍ
[ صَنَمُ دَوْسٍ ]
وَكَانَ فِي دَوْسٍ صَنَمٌ لِعَمْرِو بْنِ حُمَمَةَ الدَّوْسِيِّ .
[ ص: 82 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : سَأَذْكُرُ حَدِيثَهُ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ .
[ نَسَبُ دَوْسٍ ]
وَدَوْسُ بْنُ عُدْثَانَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَهْرَانَ بْنِ كَعْبِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَالِكِ بْنِ نَصْرِ بْنِ الْأَسَدِ بْنِ الْغَوْثِ . وَيُقَالُ : دَوْسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَهْرَانَ بْنِ الْأَسْدِ بْنِ الْغَوْثِ .
[ هُبَلُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَتْ قُرَيْشٌ قَدْ اتَّخَذَتْ صَنَمًا عَلَى بِئْرٍ فِي جَوْفِ الْكَعْبَةِ يُقَالُ لَهُ : هُبَلُ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : سَأَذْكُرُ حَدِيثَهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ فِي مَوْضِعِهِ .
[ إسَافٌ وَنَائِلَةٌ ، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ عَنْهُمَا ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : اتَّخَذُوا إسَافًا وَنَائِلَةً ، عَلَى مَوْضِعِ زَمْزَمَ يَنْحَرُونَ عِنْدَهُمَا ، وَكَانَ إسَافٌ وَنَائِلَةٌ رَجُلًا وَامْرَأَةً مِنْ جُرْهُمٍ - هُوَ إسَافُ بْنُ بَغْيٍ ، وَنَائِلَةُ بِنْتُ دِيكٍ - فَوَقَعَ إسَافٌ عَلَى نَائِلَةٍ فِي الْكَعْبَةِ ، فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ حَجَرَيْنِ .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زُرَارَةَ أَنَّهَا قَالَتْ :
[ ص: 83 ] سَمِعْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا تَقُولُ : مَا زِلْنَا نَسْمَعُ أَنَّ إسَافًا وَنَائِلَةً كَانَا رَجُلًا وَامْرَأَةً مِنْ جُرْهُمٍ ، أَحْدَثَا فِي الْكَعْبَةِ ، فَمَسَخَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى حَجَرَيْنِ . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ .
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ :
:
وَحَيْثُ يُنِيخُ الْأَشْعَرُونَ رِكَابَهُمْ بِمُفْضَى السُّيُولِ مِنْ إسَافٍ وَنَائِلِ قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ سَأَذْكُرُهَا فِي مَوْضِعِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى .
[ مَا كَانَ يَفْعَلُهُ الْعَرَبُ مَعَ الْأَصْنَامِ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَاِتَّخَذَ أَهْلُ كُلِّ دَارٍ فِي دَارِهِمْ صَنَمًا يَعْبُدُونَهُ ، فَإِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ مِنْهُمْ سَفَرًا تَمَسَّحَ بِهِ حِينَ يَرْكَبُ ، فَكَانَ ذَلِكَ آخِرَ مَا يَصْنَعُ حِينَ يَتَوَجَّهُ إلَى سَفَرِهِ ، وَإِذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ تَمَسَّحَ بِهِ فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا يَبْدَأُ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَى أَهْلِهِ فَلَمَّا بَعَثَ اللَّهُ رَسُولَهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّوْحِيدِ ، قَالَتْ قُرَيْشٌ : أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ وَكَانَتْ الْعَرَبُ قَدْ اتَّخَذَتْ مَعَ الْكَعْبَةِ طَوَاغِيتَ وَهِيَ بُيُوتٌ تُعَظِّمُهَا كَتَعْظِيمِ الْكَعْبَةِ ، لَهَا سَدَنَةٌ وَحُجَّابٌ ، وَتُهْدِي لَهَا كَمَا تُهْدِي لِلْكَعْبَةِ ، وَتَطُوفُ بِهِ كَطَوَافِهَا بِهَا ، وَتَنْحَرُ عِنْدَهَا . وَهَى تَعْرِفُ فَضْلَ الْكَعْبَةِ عَلَيْهَا ، لِأَنَّهَا كَانَتْ قَدْ عَرَفَتْ أَنَّهَا بَيْتُ إبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ وَمَسْجِدُهُ .
[ الْعُزَّى وَسَدَنَتُهَا ]
فَكَانَتْ لِقُرَيْشِ وَبَنِيَّ كِنَانَةَ الْعُزَّى [ ص: 84 ] بِنَخْلَةٍ ، وَكَانَ سَدَنَتَهَا وَحُجَّابَهَا بَنُو شَيْبَانَ ، مِنْ سُلَيْمٍ ، حُلَفَاءِ بَنِي هَاشِمٍ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : حُلَفَاءُ ( بَنِي ) أَبِي طَالِبٍ خَاصَّةً ؛ وَسُلَيْمٌ : سُلَيْمُ بْنُ مَنْصُورِ بْنِ عِكْرِمَةَ بْنِ خَصَفَةَ بْنِ قَيْسِ بْنِ عَيْلَانَ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَقَالَ شَاعِرٌ مِنْ الْعَرَبِ :
لَقَدْ أُنْكِحَتْ أَسْمَاءُ رَأْسَ بُقَيْرَةٍ مِنْ الْأُدْمِ أَهْدَاهَا امْرُؤٌ مِنْ بَنِي غَنْمِ رَأَى قَدَعَا فِي عَيْنِهَا إذْ يَسُوقُهَا
إلَى غَبْغَبِ الْعُزَّى فَوَسَّعَ فِي الْقَسْمِ وَكَذَلِكَ كَانُوا يَصْنَعُونَ إذَا نَحَرُوا هَدْيًا قَسَّمُوهُ فِي مَنْ حَضَرَهُمْ . وَالْغَبْغَبُ : الْمَنْحَرُ وَمِهْرَاقُ الدِّمَاءِ .
[ ص: 85 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ لِأَبِي خِرَاشٍ : الْهُذَلِيِّ ، وَاسْمُهُ خُوَيْلِدُ بْنُ مُرَّةَ ، فِي أَبْيَاتٍ لَهُ .
[ مَعْنَى السَّدَنَةِ ]
وَالسَّدَنَةُ : الَّذِينَ يَقُومُونَ بِأَمْرِ الْكَعْبَةِ . قَالَ رُؤْبَةُ بْنُ الْعَجَّاجِ :
:
فَلَا وَرَبِّ الْآمِنَاتِ الْقُطَّنِ
بِمَحْبَسِ الْهَدْى وَبَيْتِ الْمَسْدَنِ وَهَذَانِ الْبَيْتَانِ فِي أُرْجُوزَةٍ لَهُ ، وَسَأَذْكُرُ حَدِيثَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوْضِعِهِ .
[ اللَّاتُ وَسَدَنَتُهَا ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَتْ اللَّاتُ لِثَقِيفِ بِالطَّائِفِ ، وَكَانَ سَدَنَتَهَا وَحُجَّابَهَا بَنُو مُعَتِّبٍ مِنْ ثَقِيفٍ . قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَسَأَذْكُرُ حَدِيثَهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مَوْضِعِهِ .
[ مَنَاةُ وَسَدَنَتُهَا وَهَدْمُهَا ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَتْ مَنَاةُ لِلْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ ، وَمَنْ دَانَ بِدِينِهِمْ مِنْ أَهْلِ يَثْرِبَ ، عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمُشَلَّلِ بِقُدَيْدٍ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَقَالَ الْكُمَيْتُ بْنُ زَيْدٍ أَحَدُ بَنِي أَسْدِ بْنِ خُزَيْمَةَ بْنِ مُدْرِكَةَ :
:
وَقَدْ آلَتْ قَبَائِلُ لَا تُوَلَّى مَنَاةَ ظُهُورَهَا مُتَحَرَّفِينَا وَهَذَا الْبَيْتُ فِي قَصِيدَةٍ لَهُ .
[ ص: 86 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَيْهَا أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ فَهَدَمَهَا . وَيُقَالُ : عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ .
[ ذُو الْخَلَصَةِ وَسَدَنَتُهُ وَهَدْمُهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ ذُو الْخَلَصَةِ لِدَوْسٍ وَخَثْعَمَ وَبَجِيلَةَ ، وَمَنْ كَانَ بِبِلَادِهِمْ مِنْ الْعَرَبِ بِتَبَالَةَ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيُقَالُ : ذُو الْخُلُصَةِ .
قَالَ رَجُلٌ مِنْ الْعَرَبِ :
:
لَوْ كُنْتَ يَا ذَا الْخُلُصِ الْمَوْتُورَا مِثْلِي وَكَانَ شَيْخُكَ الْمَقْبُورَا لَمْ تَنْهَ عَنْ قَتْلِ الْعُدَاةِ زُورَا
قَالَ : وَكَانَ أَبُوهُ قُتِلَ ، فَأَرَادَ الطَّلَبَ بِثَأْرِهِ ، فَأَتَى ذَا الْخَلَصَةِ ، فَاسْتَقْسَمَ عِنْدَهُ بِالْأَزْلَامِ ، فَخَرَجَ السَّهْمُ بِنَهْيِهِ عَنْ ذَلِكَ ، فَقَالَ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ . وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُنْحِلُهَا امْرَأَ الْقَيْسِ بْنِ حُجْرٍ الْكِنْدِيَّ . فَبَعَثَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ فَهَدَمَهُ . [ ص: 87 ]
[ فِلْسٌ وَسَدَنَتُهُ وَهَدْمُهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَتْ فِلْسُ لِطَيِّئٍ وَمَنْ يَلِيهَا بِجَبَلَيْ طَيِّئٍ ، يَعْنِي سَلْمَى وَأَجَأَ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : فَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ إلَيْهَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فَهَدَمَهَا ، فَوَجَدَ فِيهَا سَيْفَيْنِ ، يُقَالُ لِأَحَدِهِمَا : الرَّسُوبُ ، وَلِلْآخِرِ : الْمِخْذَمُ . فَأَتَى بِهِمَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَهَبَهُمَا لَهُ ، فَهُمَا سَيْفَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .
[ رِئَامٌ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ لِحِمْيَرَ وَأَهْلِ الْيَمَنِ بَيْتٌ بِصَنْعَاءَ يُقَالُ لَهُ : رِئَامٌ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : قَدْ ذَكَرْتُ حَدِيثَهُ فِيمَا مَضَى .
[ رُضَاءٌ وَسَدَنَتُهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَتْ رُضَاءٌ بَيْتًا لِبَنِي رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ ، وَلَهَا يَقُولُ المُسْتَوْغِرُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدٍ حِينَ هَدَمَهَا فِي الْإِسْلَامِ :
:
وَلَقَدْ شَدَدْتُ عَلَى رُضَاءٍ شَدَّةً فَتَرَكْتُهَا قَفْرًا بِقَاعِ أَسْحَمَا [ ص: 88 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : قَوْلُهُ :
فَتَرَكْتهَا قَفْرًا بِقَاعِ أَسْحَمَا عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي سَعْدٍ .
[ المُسْتَوْغِرُ وَعُمْرُهُ ]
وَيُقَالُ : إنَّ الْمُسْتَوْغِرَ عُمِّرَ ثَلَاثَ ماِئَةِ سَنَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً ، وَكَانَ أَطْوَلَ مُضَرَ كُلِّهَا عُمْرًا ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ :
:
وَلَقَدْ سَئِمْتُ مِنْ الْحَيَاةِ وَطُولِهَا وَعَمَرْتُ مِنْ عَدَدِ السِّنِينَ مِئِينَا مِئَةٌ حَدَتْهَا بَعْدَهَا مِائَتَانِ لِي
وَازْدَدْتُ مِنْ عَدَدِ الشُّهُورِ سِنِينَا هَلْ مَا بَقِيَ إلَّا كَمَا قَدْ فَاتَنَا
يَوْمٌ يَمُرُّ وَلَيْلَةٌ تَحْدُونَا وَبَعْضُ النَّاسِ يَرْوِي هَذِهِ الْأَبْيَاتَ لِزُهَيْرِ بْنِ جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ .
[ ذُو الْكَعَبَاتِ وَسَدَنَتُهُ ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَكَانَ ذُو الْكَعَبَاتِ لِبَكْرِ وَتَغْلِبَ ابْنَيْ وَائِلٍ وَإِيَادٍ بِسَنْدَادٍ وَلَهُ يَقُولُ أَعْشَى بَنِي قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ :
:
بَيْنَ الْخَوَرْنَقِ وَالسَّدِيرِ وَبَارِقٍ وَالْبَيْتِ ذِي الْكَعَبَاتِ مِنْ سَنْدَادِ [ ص: 89 ] قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهَذَا الْبَيْتُ لِلْأَسْوَدِ بْنِ يَعْفُرَ النَّهْشَلِيِّ . نَهْشَلُ بْنُ دَارِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ حَنْظَلَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ زَيْدِ مَنَاةَ بْنِ تَمِيمٍ ، فِي قَصِيدَةٍ لَهُ . وَأَنْشَدَنِيهِ أَبُو مُحْرِزٍ خَلَفٌ الْأَحْمَرُ :
أَهْلُ الْخَوَرْنَقِ وَالسَّدِيرِ وَبَارِقٍ وَالْبَيْتِ ذِي الشُّرُفَاتِ مِنْ سِنْدَادِ
أَمْرُ الْبَحِيرَةِ وَالسَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْحَامِي

[ رَأْيُ ابْنِ إِسْحَاقَ فِيهَا ]
قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : فَأَمَّا الْبَحِيرَةُ فَهِيَ بِنْتُ السَّائِبَةِ ، وَالسَّائِبَةُ : النَّاقَةُ إذَا تَابَعَتْ بَيْنَ عَشْرِ إنَاثٍ لَيْسَ بَيْنَهُنَّ ذَكَرٌ ، سُيِّبَتْ فَلَمْ يُرْكَبْ ظَهْرُهَا ، وَلَمْ يُجَزَّ وَبَرُهَا وَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَهَا إلَّا ضَيْفٌ ؛ فَمَا نُتِجَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ أُنْثَى شُقَّتْ أُذُنُهَا ، ثُمَّ خُلِّيَ سَبِيلُهَا مَعَ أُمِّهَا فَلَمْ يُرْكَبْ ظَهْرُهَا ، وَلَمْ يُجَزَّ وَبَرُهَا ، وَلَمْ يَشْرَبْ لَبَنَهَا إلَّا ضَيْفٌ كَمَا فُعِلَ بِأُمِّهَا ، فَهِيَ الْبَحِيرَةُ بِنْتُ السَّائِبَةِ . وَالْوَصِيلَةُ : الشَّاةُ إذَا أَتْأَمَتْ عَشْرَ إنَاثٍ مُتَتَابِعَاتٍ فِي خَمْسَةِ أَبْطُنٍ ، لَيْسَ بَيْنَهُنَّ ذَكَرٌ ، جُعِلَتْ وَصِيلَةً . قَالُوا : قَدْ وَصَلَتْ ، فَكَانَ مَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِلذُّكُورِ مِنْهُمْ دُونَ إنَاثِهِمْ ، إلَّا أَنْ يَمُوتَ مِنْهَا شَيْءٌ فَيَشْتَرِكُوا فِي أَكْلِهِ ، ذُكُورُهُمْ وَإِنَاثُهُمْ . [ رَأْيُ ابْنِ هِشَامٍ فِيهَا ]قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَيَرْوِي : فَكَانَ مَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ لِذُكُورِ بَنِيهِمْ دُونَ بَنَاتِهِمْ . قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ : وَالْحَامِي : الْفَحْلُ إذَا نُتِجَ لَهُ عَشْرُ إنَاثٍ مُتَتَابِعَاتٍ لَيْسَ بَيْنَهُنَّ ذَكَرٌ ، حُمِيَ ظَهْرُهُ فَلَمْ يُرْكَبْ ، وَلَمْ يُجَزَّ وَبَرُهُ ، وَخُلِّيَ فِي إبِلِهِ يَضْرِبُ فِيهَا ، لَا يُنْتَفَعُ مِنْهُ بِغَيْرِ ذَلِكَ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : وَهَذَا ( كُلُّهُ ) عِنْدَ الْعَرَبِ عَلَى غَيْرِ هَذَا إلَّا الْحَامِي ، فَإِنَّهُ عِنْدَهُمْ عَلَى مَا قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ .
فَالْبَحِيرَةُ عِنْدَهُمْ : النَّاقَةُ تُشَقُّ أُذُنُهَا فَلَا يُرْكَبُ ظَهْرُهَا ، وَلَا يُجَزَّ وَبَرُهَا ، وَلَا يَشْرَبُ لَبَنَهَا إلَّا ضَيْفٌ . أَوْ يُتَصَدَّقُ بِهِ ، [ ص: 90 ] وَتُهْمَلُ لِآلِهَتِهِمْ .
وَالسَّائِبَةُ : الَّتِي يَنْذِرُ الرَّجُلُ أَنْ يُسَيِّبَهَا إنْ بَرِئَ مِنْ مَرَضِهِ ، أَوْ إنْ أَصَابَ أَمْرًا يَطْلُبُهُ . فَإِذَا كَانَ أَسَابَ نَاقَةً مِنْ إبِلِهِ أَوْ جَمَلًا لِبَعْضِ آلِهَتهمْ ، فَسَابَتْ فَرَعَتْ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا . وَالْوَصِيلَةُ : الَّتِي تَلِدُ أُمُّهَا اثْنَيْنِ فِي كُلِّ بَطْنٍ ، فَيَجْعَلُ صَاحِبُهَا لِآلِهَتِهِ الْإِنَاثَ ( مِنْهَا ) وَلِنَفْسِهِ الذُّكُورُ مِنْهَا ، فَتَلِدُهَا أُمُّهَا وَمَعَهَا ذَكَرٌ فِي بَطْنٍ ، فَيَقُولُونَ : وَصَلَتْ أَخَاهَا . فَيُسَيَّبُ أَخُوهَا مَعَهَا فَلَا يُنْتَفَعُ بِهِ .
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ : حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ النَّحْوِيُّ وَغَيْرُهُ ، رَوَى بَعْضٌ مَا لَمْ يَرْوِ بَعْضٌ .


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق